حكم التضحية بالعجول المسمَّنة التي لم تبلغ السن الشرعي
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على الصادق الوعد الأمين نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ............... أما بعد :
اعلم أخي المسلم أن الكثير من التجار في زماننا هذا , لا يهمهم من تجارتهم إلا جمع الأموال و لا يكترثون من حل أو حرام , فيقومون باستيراد العجول المسمنة التي لا تصلح التضحية بها , و الناظر إليها للوهلة الأولى يظن أنها قد بلغت السن الشرعي للأضحية , و لكن عند التأمل يعلم أنها دون السن المقرر شرعا للأضحية .
قال الشيخ حسام الدين عفانة حفظه الله : " إن الإلتزام بالسن المقرر شرعا في الأضحية أمر مطلوب شرعا , و لا تجوز مخالفته بالنقص عنه و لكن بعض الناس تعارفوا في بعض المناطق, على التضحية بالعجول المسمنة التي تقل أعمارها عن السن المطلوب شرعا , و غالبها له من العمر تسعة أشهر إلى سنة و نصف , و يظنون أن هذه العجول السمينة تجزئ في الأضاحي " و قد بحثت في هذه المسألة بحثا مطولا في كتب الفقهاء , فلم أجد أحدا منهم قال بجواز النقص عن السن المقرر شرعا , حتى إني لأظن أن قضية السن في الأضحية تعبدية حيث خص من هذا الحكم واحدا أو اثنين من الصحابة بنص أحاديث النبي (صلى الله عليه و سلم ) كما سيأتي , و بناء على ذلك أقول : لقد وردت الأحاديث التي أشارت إلى السن المعتبر في الأضاحي , و التي اعتمد عليها الفقهاء في تحديد السن المعتبر شرعا , و اعتبروا ذلك شرطا من شروط صحة الأضحية .
فقد اتفق العلماء على أنه تجوز التضحية بالثني من الإبل و البقر و الماعز , و المراد بالثني كما نقل ابن قدامة عن أئمة اللغة هي ( إذا مضت الخامسة على البعير _ أي الإبل _ و دخل السادسة و ألقى ثنيته فهو حينئذ ثني ... و أما البقرة فهي التي لها سنتان لأن النبي (صلى الله عليه و سلم ) قال " لا تذبحوا إلا مسنة " رواه مسلم , و مسنة البقر التي لها سنتان )
المجموع( 394: 8 )
و اتفق العلماء على أنه لا يجزئ الجذع من البقر و هو من وقت ولادته إلى أن يبلغ سنتين , و العجل المسمن ذو الأشهر التسعة هو جذع لا يجزئ في الأضحية, وكونه سمينا و أكثر لحما من الذي بلغ سنتين من عمره ليس سببا في ترك السن المعتمدة شرعا و هي سنتان فما فوق .
أما من الغنم فما بلغ سنة فما فوق غير أن الضأن يجزئ ستة أشهر إن كان سمينا لإجازة النبي (صلى الله عليه و سلم ) .
إذا فمن هنا نعلم أن العلماء جميعا اتفقوا انه لا تجوز التضحية بما دون الثني سواء من البقر أو الغنم أو الإبل قال الإمام النووي : ( و أجمعت الأمة على أنه لا تجزئ من الإبل و البقر و المعز إلا الثني ) المغني (440/9) , و إذا انعقد الإجماع على حكم أصبح كأنه من عند الله سبحانه و تعالى لحديث النبي (صلى الله عليه و سلم ) :" لا تجتمع أمتي على ضلالة " .
و إن المدقق للأحاديث المشيرة إلى السن الشرعي للأضحية يعلم أن لا يجوز تجاوز تلك السن .
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال النبي (صلى الله عليه و سلم ) " إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر , من فعله فقد أصاب سنتنا و من ذبح قبل ذلك فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء , فقام أبو بردة بن نيار و قد ذبح فقال إن عندي جذعة , فقال اذبحها و لن تجزئ عن أحد بعدك " رواه البخاري
و إن الناظر في هذا الحديث يجد أن النبي (صلى الله عليه و سلم ) قال عن الذي ذبح قبل الصلاة أنه ما أصاب النسك في شيء لأن وقت الأضحية شرط لصحتها و كذلك السن فينطبق عليه الحديث ثم في الشطر الثاني من الحديث قام أبو بردة و قد ذبح قبل الوقت و ما عنده إلا جذعة _ أي تحت السن الشرعي _ فقال له النبي (صلى الله عليه و سلم ) اذبحها و لن تجزئ عن أحد بعدك أي إلى يوم الدين , و لا شك أن النبي (صلى الله عليه و سلم ) لا ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحى و مع ذلك قال لن تجزئ عن أحد بعدك مع علم الله سبحانه و تعالى الذى أوحى للنبي (صلى الله عليه و سلم ) بما سيحل بالأمة فإنه سبحانه علم ما كان و ما يكون وما سيكون لو كان كيف كان يكون.
وسأنقل بفضل الله سبحانه و تعالى بعض أقوال العلماء في هذا الموضوع :
أولا : يقول الإمام ابن قدامة المقدسي المولود سنة 541هـ و هو من كبار العلماء في كتابه العظيم الذي يعتبر من أهم المتون في الفقه الحنبلي ( و لا يجزي إلا الجذع من الضأن و الثني مما سواه و ثني الإبل ما كمل له خمس سنين و من البقر ما له سنتان و من المعز ما له سنة).
ثانيا : يقول الشيخ أبو بكر الجزائري في كتابه الماتع ( منهاج المسلم ) و ذكر أول أحكام الأضحية : (سنها : لا يجزئ من الأضحية من الضأن أقل من الجذع و هو ما قارب على السنة و في غير الضأن أي من المعز أو البقر أو الإبل لا يجزئ إلا الثني و هو في الماعز ما أوفى سنة و دخل في الثانية وفي الإبل ما أوفى خمس و دخل في السادسة و في البقر ما أوفى سنتين و دخل في الثالثة لقوله (صلى الله عليه و سلم ) " لا تذبحوا إلا المسنة " رواه مسلم , و المسنة هي الثنية ) .
وهناك الكثير من العلماء بل كلهم من يقول بهذا الرأي و منهم الأئمة الأربعة و ابن تيمية و ابن القيم و شيخنا الألباني و ابن عثيمين و ابن باز رحمهم الله جميعا وغيرهم الكثير و لا نعلم من العلماء مخالفا بل لقد نقل الإمام النووي الإجماع على ذلك كما ذكرنا آنفا .
و بناء على ما تقدم لا تصح التضحية بالعجول المسمنة مهما بلغ وزنها و لا بد من الإلتزام بالسن المقرر شرعا عند الفقهاء .
وأريد أن أنوه هنا للمحتجين بالحصار عندنا في غزة أن الأضحية مطلوبة شرعا بشروطها , فإن لم يجد الإنسان و كان في نيته التضحية فله أجر المضحي بالنية و قد التزم السنة و لم يضحي تحت السن الشرعي ولكن هذا لا يمنع أن يذبح و يوزع اللحم على الفقراء أو يوزع الأموال التي كان يريد أن يضحي بها على الفقراء و له الأجر من الله سبحانه و تعالى فلا تعارض بين الأضحية و الصدقات و من أصاب الاثنين كان أفضل , أما بالنسبة للمحتجين بـ _ الضرورات تبيح المحظورات _ فأقول لهم الأضحية لا تأخذ حكم الضرورة فإنك إن لم تضحي لم يحصل لك الهلاك أو الأذى الشديد , و الضرورة إما أن يخشى الإنسان الهلاك أو يكره عن طريق التهديد بشيء مهلك أو عذاب شديد , و الله سبحانه و تعالى يعذر العبد إن لم يقدر على الإتيان بالأضحية المطلوبة لسبب خارج عن إرادته , و لا يحاسبه على ما لا طاقة له به , و أذكر لكم هذه الكلمة الرائعة لشيخنا ابن عثيمين رحمه الله : ( و انني بهذه المناسبة أوجه نصيحة إلى إخواني ليعلموا أنه ليس المقصود بالأضحية مجرد اللحم فإن هذا يحصل بشراء الإنسان لحما كثيرا و توزيعه على الفقراء لكن المقصود و الأهم هو التقرب إلى الله سبحانه و تعالى بالذبح فالذبح من أفضل الأعمال الصالحة كما قال تعالى : ( قل إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين * لا شريك له و بذلك أمرت و أنا أول المسلمين ) و قوله تعالى ( لن ينال الله لحومها و لا دمائها و لكن يناله التقوى منكم ).) انتهى كلامه رحمه الله .
فكيف يعقل أن يتقرب الإنسان إلى الله بمخالفة النبي (صلى الله عليه و سلم ) فالله سبحانه و تعالى أمرك بالتقرب إليه على لسان نبيه (صلى الله عليه و سلم ) بشيء معين , و لم تستطع إليه سبيلا , فهل تتقرب إليه بشيء مخالف لأمره !!!!!!!!!! .
فيا راغبا بشفاعة الحبيب ............... الزم سنة الحبيب
و الآن أخي في الله , أما و قد علمت الحكم , من سنة النبي العدنان , و أقوال الأئمة الأعلام
فما عليك إلا الإذعان , لله و لرسوله و الانقياد , ولا تكابر و تظهر العناد , يقول الله سبحانه و تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم لما يحيكم ) .
و قد يقول البعض إن الشيخ الفلاني أفتى بكذا و الدكتور الفلاني أفتى بكذا , أقول لك إنهم ليسوا بحجة على الدين و ليسوا حجة على الإسلام و هذا الشيخ قد يخطئ فهو ليس معصوما , فلا تكن كاليهود و النصارى ( اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله ) , ثم إنه لو خالف إمام من الأئمة الإجماع حتى و لو كان فقيه عصره , قوله مردود عليه لأن الإجماع إذا انعقد على أمر أصبح كأنه من عند الله سبحانه كما ذكرنا آنفا , و ها قد جئتك يا أخي بكلام النبي (صلى الله عليه و سلم ) و كلام أئمة الهدى , فما عليك إلا التسليم و لا تتبع الهوى و تكن من المقلدين على عمى و بغير هدى , و صدق الشاعر حين قال :
قل للولى حكموا بقول خواجة ............... قد عششت في قلبه الأهواء
عجبا لنا بالأمس قال الشافعي .............. و سواه قولا ليس فيه خفاء
لا تتركوا قول الرسول لقولنا ............... إن تفعلوا هذا فنحن براء
هو وحده المعصوم فاستمعوا له ........... و دعوا سواه فإننا خطاء
و اليوم من عجب أقول لكم .............. دعوا أحكام مسيو إنها بتراء
لا تتركوا قول الإله لقوله .................هذا ضلال واضح و شقاء
لقد استقلت مصر و استغنت بما........... حازت ولمّا يستقل قضاء
و الآن أخي الكريم لا يسعني إلا أن أسأل الله سبحانه و تعالى أن يردنا إلى الكتاب و السنة رداً جميلا , و أن تكون قد أذعنت لأمر رسول الله (صلى الله عليه و سلم ) , و أسأل الله لك الهداية و الرشاد و لجميع أمة الحبيب (صلى الله عليه و سلم ) .
و صلى اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه و على كل من اتبع هديه إلى يوم الدين
و الحمد لله رب العالمين .
للتحميل هذه الوريقات على هيئة ملف PDF
من هنا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على الصادق الوعد الأمين نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ............... أما بعد :
اعلم أخي المسلم أن الكثير من التجار في زماننا هذا , لا يهمهم من تجارتهم إلا جمع الأموال و لا يكترثون من حل أو حرام , فيقومون باستيراد العجول المسمنة التي لا تصلح التضحية بها , و الناظر إليها للوهلة الأولى يظن أنها قد بلغت السن الشرعي للأضحية , و لكن عند التأمل يعلم أنها دون السن المقرر شرعا للأضحية .
قال الشيخ حسام الدين عفانة حفظه الله : " إن الإلتزام بالسن المقرر شرعا في الأضحية أمر مطلوب شرعا , و لا تجوز مخالفته بالنقص عنه و لكن بعض الناس تعارفوا في بعض المناطق, على التضحية بالعجول المسمنة التي تقل أعمارها عن السن المطلوب شرعا , و غالبها له من العمر تسعة أشهر إلى سنة و نصف , و يظنون أن هذه العجول السمينة تجزئ في الأضاحي " و قد بحثت في هذه المسألة بحثا مطولا في كتب الفقهاء , فلم أجد أحدا منهم قال بجواز النقص عن السن المقرر شرعا , حتى إني لأظن أن قضية السن في الأضحية تعبدية حيث خص من هذا الحكم واحدا أو اثنين من الصحابة بنص أحاديث النبي (صلى الله عليه و سلم ) كما سيأتي , و بناء على ذلك أقول : لقد وردت الأحاديث التي أشارت إلى السن المعتبر في الأضاحي , و التي اعتمد عليها الفقهاء في تحديد السن المعتبر شرعا , و اعتبروا ذلك شرطا من شروط صحة الأضحية .
فقد اتفق العلماء على أنه تجوز التضحية بالثني من الإبل و البقر و الماعز , و المراد بالثني كما نقل ابن قدامة عن أئمة اللغة هي ( إذا مضت الخامسة على البعير _ أي الإبل _ و دخل السادسة و ألقى ثنيته فهو حينئذ ثني ... و أما البقرة فهي التي لها سنتان لأن النبي (صلى الله عليه و سلم ) قال " لا تذبحوا إلا مسنة " رواه مسلم , و مسنة البقر التي لها سنتان )
المجموع( 394: 8 )
و اتفق العلماء على أنه لا يجزئ الجذع من البقر و هو من وقت ولادته إلى أن يبلغ سنتين , و العجل المسمن ذو الأشهر التسعة هو جذع لا يجزئ في الأضحية, وكونه سمينا و أكثر لحما من الذي بلغ سنتين من عمره ليس سببا في ترك السن المعتمدة شرعا و هي سنتان فما فوق .
أما من الغنم فما بلغ سنة فما فوق غير أن الضأن يجزئ ستة أشهر إن كان سمينا لإجازة النبي (صلى الله عليه و سلم ) .
إذا فمن هنا نعلم أن العلماء جميعا اتفقوا انه لا تجوز التضحية بما دون الثني سواء من البقر أو الغنم أو الإبل قال الإمام النووي : ( و أجمعت الأمة على أنه لا تجزئ من الإبل و البقر و المعز إلا الثني ) المغني (440/9) , و إذا انعقد الإجماع على حكم أصبح كأنه من عند الله سبحانه و تعالى لحديث النبي (صلى الله عليه و سلم ) :" لا تجتمع أمتي على ضلالة " .
و إن المدقق للأحاديث المشيرة إلى السن الشرعي للأضحية يعلم أن لا يجوز تجاوز تلك السن .
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال النبي (صلى الله عليه و سلم ) " إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر , من فعله فقد أصاب سنتنا و من ذبح قبل ذلك فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء , فقام أبو بردة بن نيار و قد ذبح فقال إن عندي جذعة , فقال اذبحها و لن تجزئ عن أحد بعدك " رواه البخاري
و إن الناظر في هذا الحديث يجد أن النبي (صلى الله عليه و سلم ) قال عن الذي ذبح قبل الصلاة أنه ما أصاب النسك في شيء لأن وقت الأضحية شرط لصحتها و كذلك السن فينطبق عليه الحديث ثم في الشطر الثاني من الحديث قام أبو بردة و قد ذبح قبل الوقت و ما عنده إلا جذعة _ أي تحت السن الشرعي _ فقال له النبي (صلى الله عليه و سلم ) اذبحها و لن تجزئ عن أحد بعدك أي إلى يوم الدين , و لا شك أن النبي (صلى الله عليه و سلم ) لا ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحى و مع ذلك قال لن تجزئ عن أحد بعدك مع علم الله سبحانه و تعالى الذى أوحى للنبي (صلى الله عليه و سلم ) بما سيحل بالأمة فإنه سبحانه علم ما كان و ما يكون وما سيكون لو كان كيف كان يكون.
وسأنقل بفضل الله سبحانه و تعالى بعض أقوال العلماء في هذا الموضوع :
أولا : يقول الإمام ابن قدامة المقدسي المولود سنة 541هـ و هو من كبار العلماء في كتابه العظيم الذي يعتبر من أهم المتون في الفقه الحنبلي ( و لا يجزي إلا الجذع من الضأن و الثني مما سواه و ثني الإبل ما كمل له خمس سنين و من البقر ما له سنتان و من المعز ما له سنة).
ثانيا : يقول الشيخ أبو بكر الجزائري في كتابه الماتع ( منهاج المسلم ) و ذكر أول أحكام الأضحية : (سنها : لا يجزئ من الأضحية من الضأن أقل من الجذع و هو ما قارب على السنة و في غير الضأن أي من المعز أو البقر أو الإبل لا يجزئ إلا الثني و هو في الماعز ما أوفى سنة و دخل في الثانية وفي الإبل ما أوفى خمس و دخل في السادسة و في البقر ما أوفى سنتين و دخل في الثالثة لقوله (صلى الله عليه و سلم ) " لا تذبحوا إلا المسنة " رواه مسلم , و المسنة هي الثنية ) .
وهناك الكثير من العلماء بل كلهم من يقول بهذا الرأي و منهم الأئمة الأربعة و ابن تيمية و ابن القيم و شيخنا الألباني و ابن عثيمين و ابن باز رحمهم الله جميعا وغيرهم الكثير و لا نعلم من العلماء مخالفا بل لقد نقل الإمام النووي الإجماع على ذلك كما ذكرنا آنفا .
و بناء على ما تقدم لا تصح التضحية بالعجول المسمنة مهما بلغ وزنها و لا بد من الإلتزام بالسن المقرر شرعا عند الفقهاء .
وأريد أن أنوه هنا للمحتجين بالحصار عندنا في غزة أن الأضحية مطلوبة شرعا بشروطها , فإن لم يجد الإنسان و كان في نيته التضحية فله أجر المضحي بالنية و قد التزم السنة و لم يضحي تحت السن الشرعي ولكن هذا لا يمنع أن يذبح و يوزع اللحم على الفقراء أو يوزع الأموال التي كان يريد أن يضحي بها على الفقراء و له الأجر من الله سبحانه و تعالى فلا تعارض بين الأضحية و الصدقات و من أصاب الاثنين كان أفضل , أما بالنسبة للمحتجين بـ _ الضرورات تبيح المحظورات _ فأقول لهم الأضحية لا تأخذ حكم الضرورة فإنك إن لم تضحي لم يحصل لك الهلاك أو الأذى الشديد , و الضرورة إما أن يخشى الإنسان الهلاك أو يكره عن طريق التهديد بشيء مهلك أو عذاب شديد , و الله سبحانه و تعالى يعذر العبد إن لم يقدر على الإتيان بالأضحية المطلوبة لسبب خارج عن إرادته , و لا يحاسبه على ما لا طاقة له به , و أذكر لكم هذه الكلمة الرائعة لشيخنا ابن عثيمين رحمه الله : ( و انني بهذه المناسبة أوجه نصيحة إلى إخواني ليعلموا أنه ليس المقصود بالأضحية مجرد اللحم فإن هذا يحصل بشراء الإنسان لحما كثيرا و توزيعه على الفقراء لكن المقصود و الأهم هو التقرب إلى الله سبحانه و تعالى بالذبح فالذبح من أفضل الأعمال الصالحة كما قال تعالى : ( قل إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين * لا شريك له و بذلك أمرت و أنا أول المسلمين ) و قوله تعالى ( لن ينال الله لحومها و لا دمائها و لكن يناله التقوى منكم ).) انتهى كلامه رحمه الله .
فكيف يعقل أن يتقرب الإنسان إلى الله بمخالفة النبي (صلى الله عليه و سلم ) فالله سبحانه و تعالى أمرك بالتقرب إليه على لسان نبيه (صلى الله عليه و سلم ) بشيء معين , و لم تستطع إليه سبيلا , فهل تتقرب إليه بشيء مخالف لأمره !!!!!!!!!! .
فيا راغبا بشفاعة الحبيب ............... الزم سنة الحبيب
و الآن أخي في الله , أما و قد علمت الحكم , من سنة النبي العدنان , و أقوال الأئمة الأعلام
فما عليك إلا الإذعان , لله و لرسوله و الانقياد , ولا تكابر و تظهر العناد , يقول الله سبحانه و تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم لما يحيكم ) .
و قد يقول البعض إن الشيخ الفلاني أفتى بكذا و الدكتور الفلاني أفتى بكذا , أقول لك إنهم ليسوا بحجة على الدين و ليسوا حجة على الإسلام و هذا الشيخ قد يخطئ فهو ليس معصوما , فلا تكن كاليهود و النصارى ( اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله ) , ثم إنه لو خالف إمام من الأئمة الإجماع حتى و لو كان فقيه عصره , قوله مردود عليه لأن الإجماع إذا انعقد على أمر أصبح كأنه من عند الله سبحانه كما ذكرنا آنفا , و ها قد جئتك يا أخي بكلام النبي (صلى الله عليه و سلم ) و كلام أئمة الهدى , فما عليك إلا التسليم و لا تتبع الهوى و تكن من المقلدين على عمى و بغير هدى , و صدق الشاعر حين قال :
قل للولى حكموا بقول خواجة ............... قد عششت في قلبه الأهواء
عجبا لنا بالأمس قال الشافعي .............. و سواه قولا ليس فيه خفاء
لا تتركوا قول الرسول لقولنا ............... إن تفعلوا هذا فنحن براء
هو وحده المعصوم فاستمعوا له ........... و دعوا سواه فإننا خطاء
و اليوم من عجب أقول لكم .............. دعوا أحكام مسيو إنها بتراء
لا تتركوا قول الإله لقوله .................هذا ضلال واضح و شقاء
لقد استقلت مصر و استغنت بما........... حازت ولمّا يستقل قضاء
و الآن أخي الكريم لا يسعني إلا أن أسأل الله سبحانه و تعالى أن يردنا إلى الكتاب و السنة رداً جميلا , و أن تكون قد أذعنت لأمر رسول الله (صلى الله عليه و سلم ) , و أسأل الله لك الهداية و الرشاد و لجميع أمة الحبيب (صلى الله عليه و سلم ) .
و صلى اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه و على كل من اتبع هديه إلى يوم الدين
و الحمد لله رب العالمين .
للتحميل هذه الوريقات على هيئة ملف PDF
من هنا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]