الشريف

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الشريف

منتدى اسلامى


    حكم سب أم المؤمنين عائشة

    Admin
    Admin
    Admin


    المساهمات : 499
    تاريخ التسجيل : 07/12/2010
    العمر : 40
    الموقع : الشريف

    حكم سب أم المؤمنين عائشة Empty حكم سب أم المؤمنين عائشة

    مُساهمة  Admin السبت أكتوبر 08, 2011 9:04 pm

    حكم سب أم المؤمنين عائشة




    وقفة مع المنهج الموضوعي...
    ولعل من المناسب هنا أن نقف وقفة قصيرة جدا ، نبين فيها فساد هذا المنهج، وخطورة تطبيقه على تاريخ الصحابة .

    والمنهج الموضوعي ، عند الغربيين يعني أن يبحث الموضوع بحثا عقليا مجردا ، بعيدا عن التصورات الدينية . ( راجع منهج كتابة التاريخ للعلياني ص 138 ) .

    فنقول ردا على ذلك :

    أولا : المسلم لا يمكن أن يتجرد من عقيدته بأي حال من الأحوال ، إلا أن يكون كافرا بها . ( راجع في تفصيل ذلك ، وفي الرد على دعوى الموضوعية ، بحث مخطوط للدكتور رشاد خليل 34 -37 ) .

    ثانيا : كذلك بالنسبة للتاريخ الإسلامي ، إذا ثبتت الحوادث في ميزان نقد الرواية ، فبأي منهج نفهمها ونفسرها ؟ إذا لم نفسرها بالمنهج الإسلامي ، فلا بد أن نختار منهجا أخر . فنقع في الانحراف من حيث لا نعلم .

    وبناء على ذلك ، يجب أن نحذر من تطبيق هذا المنهج على تاريخ الصحابة.

    ويجب أن نعلم أيضا أن ما يسمى بالنقد العلمي أو الموضوعية لتاريخ الصحابة ، هو السب الوارد في كتب أهل البدع ، وفي كتب الأخبار ، وتسميته بالمنهج العلمي لا يخرجه من حقيقته التي عرف بها عند أهل السنة ، وأيضا تسميته بذلك لا تعلي من قيمته ، كما لا يعلي من قيمته أن يردده كتاب مشهورون ، وفيهم أولو فضل وصلاح .

    وإنما كل ما فعله المحدثون أنهم أحيوا هذا السب الذي أماته أهل السنة عندما كانت الدولة دولتهم . ( هذه الفقرة مأخوذة من البحث القيم للدكتور رشاد خليل ) .

    والذي أوصي به نفسي وإخواني الباحثين في تاريخ الصحابة إلا يتخلوا عن عقيدتهم ، ومنها الاعتقاد بعدالة الصحابة وتحريم سبهم عند البحث في تاريخهم ، فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبلهم ، وليعلموا أن لأهل السنة منهجا واضحا في النظر إلى تلكم الأخبار ، كما سيأتي في آخر البحث .


    حكم سب أم المؤمنين عائشة...
    أما من سب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه ، فقد أجمع العلماء انه يكفر .

    قال القاضي أبو يعلي : (( من قذف عائشة رضي الله عنها بما براها الله منه كفر بلا خلاف )) .

    وقد حكي الإجماع على هذا غير واحد من الأئمة لهذا الحكم .

    فروي عن مالك : (( من سب أبا بكر جلد ، ومن سب عائشة قتل . قيل له : لم ؟ قال : من رماها فقد خالف القرآن )) . ( الصارم المسلول ص 566 ) .

    وقال ابن شعبان في روايته ، عن مالك : (( لأن الله تعالى يقول : { يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين } فمن عاد فقد كفر )) . ( الشفا 2 / 1109 ) .

    والأدلة على كفر من رمى أم المؤمنين صريحة وظاهرة الدلالة ، منها :

    أولا : ما استدل به الإمام مالك ، أن في هذا تكذيبا للقرآن الذي شهد ببراءتها ، وتكذيب ما جاء به القرآن كفر .

    قال الإمام ابن كثير : (( وقد اجمع العلماء رحمهم الله قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية ، فإنه يكفر ، لأنه معاند للقرآن )) . ( راجع تفسير ابن كثير 3 / 276 ، عند تفسير قوله تعالى { إن الذين يرمون المحصنات . . . } ) .

    وقال ابن حزم - تعليقا على قول الإمام مالك السابق - : (( قول مالك هاهنا صحيح ، وهي ردة تامة ، وتكذيب لله تعالى في قطعه ببراءتها )) . ( المحلي 11 / 15 ) .

    ثانيا : إن فيه إيذاء وتنقيصا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، من عدة وجوه ، دل عليها القرآن الكريم ، فمن ذلك :

    إن ابن عباس رضي الله عنهما فرق بين قوله تعالى { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } وبين قوله { إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات } ، فقال عند تفسير الآية الثانية : (( هذه في شأن عائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، وهي مبهمة ليس توبة ، ومن قذف امرأة مؤمنة فقد جعل الله له توبة . . . إلى آخر كلامه . . . قال : فهم رجل أن يقوم فيقبل رأسه من حسن ما فسر )) . ( انظر ابن جرير 18 / 83 ، وعنه ابن كثير 3 / 277 ) .

    فقد بين ابن عباس ، أن هذه الآية إنما نزلت فيمن قذف عائشة وأمهات المؤمنين رضي الله عنهن ، لما في قذفهن من الطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيبه ، فغن قذف المرأة أذى لزوجها ، كما هو أذى لابنها ، لأنه نسبة له إلى الدياثة وإظهار لفساد فراشه ، وإن زنى امرأته يؤذيه أذى عظيما . . ولعل ما يلحق بعض الناس من العار والخزي بقذف أهله اعظم مما يلحقه لو كان هو المقذوف . ( الصارم المسلول ص 45 ، والقرطبي 12 / 139 ) .

    وكذلك فإيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم كفر بالإجماع .

    قال القرطبي عند قوله تعالى { يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا } : (( يعني في عائشة ، لأن مثله لا يكون إلا نظير القول في المقول بعينه ، أو فيمن كان في مرتبته من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، لما في ذلك من إذاية رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرضه وأهله ، وذلك كفر من فاعله )) . ( القرطبي 12 / 136 ، عن ابن عربي في أحكام القرآن 3 / 1355 - 1356 ) .

    ومما يدل على أن قذفهن أذى للنبي صلى الله عليه وسلم ، ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما في حديث الإفك عن عائشة ، قالت : (( فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعذر من عبد الله بن أبي سلول )) ، قالت : (( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر - : يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي . . )) كما جاء في الصحيحين .

    فقوله : (( من يعذرني )) أي من ينصفني ويقيم عذري إذا انتصفت منه لما بلغني من أذاه في أهل بيتي ، والله أعلم .

    فثبت أنه صلى الله عليه وسلم قد تأذى بذلك تأذيا استعذر منه .

    وقال المؤمنون الذين لم تأخذهم حمية : (( مرنا نضرب أعناقهم ، فإنا نعذرك إذا أمرتنا بضرب أعناقهم )) ، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على سعد استئماره في ضرب أعناقهم . ( الصارم المسلول ص 47 ) .

    قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب : (( ومن يقذف الطيبة الطاهرة أم المؤمنين زوجة رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ، لما صح ذلك عنه ، فهو من ضرب عبد الله بن أبي سلول رأس المنافقين .

    ولسان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يا معشر المسلمين من يعذرني فيمن أذاني في أهلي . { إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا مبينا } . . فأين أنصار دينه ليقولوا له : نحن نعذرك يا رسول الله )) . (الرد عل الرافضة 25-26 ) .

    كما أن الطعن بها رضي الله عنها فيه تنقيص برسول الله صلى الله عليه وسلم من جانب آخر ، حيث قال عز وجل : { الخبيثات للخبيثين .. } .

    قال ابن كثير : (( أي ما كان الله ليجعل عائشة زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهي طيبة ، لأنه أطيب من كل طيب من البشر ، ولو كانت خبيثة لما صلحت له شرعا ولا قدرا ، ولهذا قال تعالى { أولئك مبرءون مما يقولون } أي عما يقوله أهل الإفك والعدوان )) . ( ابن كثير 3 / 278 ) .



    حكم سب بقية أمهات المؤمنين... اختلف العلماء في قذف بقية أمهات المؤمنين ، والراجح الذي عليه الأكثرون : كفر فاعل ذلك ، لأن المقذوفة زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله تعالى إنما غضب لها ، لأنها زوجته صلى الله عليه وسلم ، فهي وغيرها منهن سواء . ( البداية والنهاية 8 / 95 ) .

    وكذلك فيه تنقيصا وأذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقذف حليلته . ( الشفا 2 / 1113 ، وراجع أيضا الصواعق المحرقة ص 387 ) .

    وقد بينا ذلك عند كلامنا عن حكم قذف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .

    أما أن سب أمهات المؤمنين سبا غير ذلك فحكمهن حكم سائر الصحابة على التفصيل السابق .



    لوازم الـسـب...
    تيقظ السلف الصالح رضوان الله عليهم لخطورة الطعن في الصحابة وسبهم ، وحذروا من الطاعنين ومقاصدهم ، وذلك لعلمهم بما يؤدي إليه ذلك السب من لوازم باطلة تناقض أصول الدين ، فقال بعضهم كلمات قليلة ، لكنها جامعة ، أذكرها في مقدمة هذا المبحث ، ثم أوضح - بعض الشيء - ما يترتب على السب غالبا .

    وسأركز في الرد على السب من القسم الأول والثاني ، من نسبة الكفر أو الفسق لمجموع الصحابة أو أكثرهم ، أو الطعن في عدالة من تواترت النصوص بفضله كالخلفاء رضي الله عنهم .

    قال الإمام مالك رحمه الله عن هؤلاء الذين يسبون الصحابة : (( إنما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يمكنهم ذلك ، فقدحوا في أصحابه ، حتى يقال رجل سوء ولو كان رجلا صالحا لكان أصحابه صالحون )) . ( رسالة في سب الصحابة ، عن الصارم المسلول ص580 ).

    وقال الإمام أحمد رحمه الله : (( إذا رأيت رجلا يذكر أحدا من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام )) . ( البداية والنهاية 8 / 142 ، وأنظر المسائل والرسائل المروية عن أحمد في العقيدة الأحمدية للأحمدي 2 / 363 ، 364 ) .

    وقال أبو زرعة الرازي رحمه الله : (( فإذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلم انه زنديق ، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق ، والقرآن حق ، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح بهم أولى وهم زنادقة )) . ( الكفاية للخطيب البغدادي 97 ) .

    وقال الإمام أبو نعيم رحمه الله : (( فلا يتتبع هفوات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وزللهم ويحفظ عليهم ما يكون منهم حال الغضب والموجدة إلا مفتون القلب في دينه )) . ( الإمامة لأبي نعيم 344 ) .

    ويقول أيضا : (( لا يبسط لسانه فيهم إلا من سوء طويته في النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته والإسلام والمسلمين )) . ( الإمامة لأبي نعيم 376 ) .

    وتحذير العلماء هنا عام يشمل جميع الصحابة ، وتأمل قول إمام أهل السنة : (( يذكر أحدا من الصحابة بسوء )) ، وقول أبي زرعة : (( ينتقص أحدا )) ، فحذروا ممن ينتقص مجرد انتقاص أو ذكر بسوء ، وذلك دون الشتم أو التكفير ، ثم في واحد منهم وليس جميعهم ، فماذا يقال فيمن سب أغلبهم ؟!

    وإليك أخي إيضاح لبعض لوازم السب :

    أولا : يترتب على القول بكفر وارتداد معظم الصحابة أو فسقهم إلا نفرا يسيرا ، الشك في القرآن الكريم والأحاديث النبوية ، وذلك لأن الطعن في النقلة طعن في المنقول ، إذ كيف نثق بكتاب نقله إلينا الفسقة والمرتدون - والعياذ بالله - ولذلك صرح بعض أهل الضلال والبدع ممن يسب الصحابة بتحريف الصحابة للقرآن ، والبعض أخفى ذلك .

    وكذلك الأمر بالنسبة للأحاديث النبوية ، فإذا اتهم الصحابة رضوان الله عليهم في عدالتهم ، صارت الأسانيد مرسلة مقطوعة لا حجة فيها ، ومع ذلك يزعم بعض هؤلاء الإيمان بالقرآن .

    فنقول لهم : يلزم من الإيمان بالقرآن الإيمان بما فيه ، وقد علمت أن الذي فيه أنهم خير الأمم ، وأن الله لا يخزيهم ، وأنه رضي عنهم . . . الخ ، فمن لم يصدق ذلك فيهم ، فهو مكذب لما في القرآن ، ناقض لدعواه .

    ثانيا : هذا القول يقتضي أن هذه الأمة - والعياذ بالله - شر أمة أخرجت للناس ، وسابقي هذه الأمة شرارها ، وخيرها القرن الأول كان عامتهم كفارا أو فساقا وإنهم شر القرون . ( الصارم 587 ) كبرت كلمة تخرج من أفواههم .

    ثالثا : يلزم من هذا القول ، أحد أمرين : إما نسبة الجهل إلى الله تعالى عما يصفون ، أو العبث في هذه النصوص التي أثنى فيها على الصحابة .

    فإن كان الله عز وجل - تعالى عن قولهم - غير عالم بأنهم سيكفرون ، ومع ذلك أثنى عليهم ووعدهم الحسنى فهو جهل ، والجهل عليه تعالى محال .

    وإن كان الله عز وجل عالما بأنهم سيكفرون ، فيكون وعده لهم بالحسنى ورضاه عنهم عبث ، والعبث في حقه تعالى محال . ( انظر إتحاف ذوي النجابة لمحمد بن العربي التباني ص75 ) .

    ويتبع ذلك الطعن في حكمته عز وجل ، حيث اختارهم واصطفاهم لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فجاهدوا معه وآزروه ونصره واتخذهم أصهارا له ، حيث زوج ابنتيه ذا النورين عثمان رضي الله عنه ، وتزوج ابنتي الصديق وعمر رضي الله عنهما ، فكيف يختار لنبيه أنصارا وأصهارا مع علمه بأنهم سيكفرون ؟!.

    رابعا : لقد بذل رسول الله صلى الله عليه وسلم جهودا خارقة في تربية الصحابة على مدى ثلاثة وعشرين عاما ، حتى تكون بفضل الله عز وجل المجتمع المثالي في خلقه وتضحياته وزهده وورعه ، فكان صلى الله عليه وسلم اعظم مرب في التاريخ .

    لكن على العكس من ذلك ، فإن جماعة تدعي الانتماء إلى الإسلام ونبي الإسلام ، تقدم لهذا المجتمع صورة معاكسة ، تهدم المجهودات التي قام بها النبي صلى الله عليه وسلم في مجال التربية والتوجيه ، وتثبت له إخفاقا لم يواجهه أي مصلح أو مرب خبير مخلص لم يكن مأمورا من الله ، كما كان الشأن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . ( صرح بعض من تولى كبر تلكم المزاعم والتهم والضلالات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينجح ، وأن الذي ينجح في ذلك المهدي الغائب - مهديهم - ) .

    إن الإمامية ترى أن المجهودات التي بذلها محمد صلى الله عليه وسلم لم تنتج إلا ثلاثة أو أربعة - وفقا لبعض الروايات - ظلوا متمسكين بالإسلام إلى بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ، أما غيرهم فقد قطعوا صلتهم بالإسلام - والعياذ بالله - فور وفاته صلى الله عليه وسلم ، وأثبتوا أن صحبة النبي صلى الله عليه وسلم وتربيته أخفقت ولم يعد لها أي تأثير .

    وهذا الزعم يؤدي إلى اليأس من إصلاح البشرية ، وعدم الثقة في المنهج الإسلامي وقدرته على التربية وتهذيب الأخلاق ، وإلى الشك في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، وذلك أن الدين الذي لم يستطع أن يقدم للعالم عددا وجيها من نماذج عملية ناجحة بناءة ، ومجتمعا مثاليا في أيام الداعي وحامل رسالته الأول ، فكيف يستطيع أتباعه ذلك بعد مضي وقت طويل على عهد النبوة ؟!

    وإذا كان المؤمنون بهذه الدعوة لم يستطيعوا البقاء على الجادة القويمة ، ولم يعودوا أوفياء لنبيهم صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى ، فلم يبق على الصراط المستقيم الذي ترك عليه النبي صلى الله عليه وسلم أتباعه إلا أربعة فقط ، فكيف نسلم أن هذا الدين يصلح لتزكية النفوس وبناء الأخلاق ؟ وانه يستطيع أن ينقذ الإنسان من الهمجية والشقاء ، ويرفعه إلى قمة الإنسانية ؟ .

    بل ربما يقال : لو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان صادقا في نبوته ، لكانت تعاليمه ذات تأثير ، ووجد هناك من آمن به من صميم القلب ، ووجد من بين العدد الهائل ممن آمنوا به بضع المئات ثبتوا على الإيمان ، فإن كان أصحابه سوى بضعة رجال منهم منافقين ومرتدين - فيما زعموا - فمن دام بالإسلام ؟! ومن أنتفع بالرسول صلى الله عليه وسلم ؟ وكيف يكون رحمة للعالمين ؟ . ( صورتان متضادتان للشيخ أبي الحسن الندوي ص 13 -45 -58-99 ) .



    الإمساك عما شجر بينهم...
    قال صلى الله عليه وسلم : (( إذا ذكر أصحابي فامسكوا ، وإذا ذكر النجوم فامسكوا ، وإذا ذكر القدر فامسكوا )) . ( أخرجه الطبراني في الكبير 2 / 78 / 2 ، وأبو نعيم في الحلية 4 / 108 ، وفي الإمام من حديث ابن مسعود ، وقواه الألباني بطرقه وشواهده - السلسلة الصحيحة1 / 34 ) .

    ولذلك فمن منهج أهل السنة والجماعة الإمساك عن ذكر هفوات الصحابة وتتبع زلاتهم وعدم الخوض فيما شجر بينهم .

    قال أبو نعيم رحمه الله : (( فالإمساك عن ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر زللهم ، ونشر محاسنهم ومناقبهم ، وصرف أمورهم إلى أجمل الوجوه ، من أمارات المؤمنين المتبعين لهم بإحسان ، الذين مدحهم الله عز وجل بقوله : { والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان )) .

    ويقول أيضا في تعليقه على الحديث المشار إليه : (( لم يأمرهم بالإمساك عن ذكر محاسنهم وفضائلهم ، وإنما أمروا بالإمساك عن ذكر أفعالهم وما يفرط منهم في ثورة الغضب وعارض الوجدة )) . ( الإمامة 347 ) .

    إذا فالإمساك المشار إليه في الحديث الشريف إمساك مخصوص يقصد منه عدم الخوض فيما وقع بينهم من الحروب والخلافات على سبيل التوسع وتتبع التفصيلات ونشر ذلك بين العامة ، أو التعرض لهم بالتنقص لفئة والانتصار لأخرى . ( منهج كتابة التاريخ الإسلامي لمحمد بن صامل 227 ) .

    ونحن لم نؤمر بما سبق / وإنما أمرنا بالاستغفار لهم ومحبتهم ونشر محاسنهم وفضائلهم ، وإذا ظهر مبتدع يقدح فيهم بالباطل فلابد من الذب عنهم ، وذكر ما يبطل حجته بعلم وعدل . ( منهاج السنة 6 / 254 ) .

    وهذا مما نحتاجه في زماننا ، حيث ابتليت الأمة المسلمة في جامعاتها ومدارسها بمناهج - يزعم أصحابها الموضوعية والعلمية - تخوض فيما شجر بين الصحابة بالباطل دون التأدب بالآداب التي علمنا إياها ربنا عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم .

    وكذلك وللأسف وصلت هذه العدوى إلى بعض الإسلاميين ، حتى إن بعضهم يجمع الغث والسمين من الروايات حول الفتنة التي وقعت بين الصحابة ، ثم يبني أحكامه دون الاسترشاد بأقوال الأئمة الأعلام وتحقيقاتهم .

    من أجل ذلك أردت أن أشير إلى بعض الأسس والتوجيهات التي ينبغي أن يعرفها الباحث إذا اقتضت الحاجة أن يبحث فيما شجر بينهم رضي الله عنهم .

    المصدر
    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 23, 2024 8:30 pm