مصائب الأمة بسقوط بغداد 3
6- ما جرى لعامة أهل بغداد :
لم يسلم العامة من قتل هؤلاء بطرق بشعة وأحداث دامية ؛ فعندما وصل الخليفة إلى هولاكو قال له (1) :[ مر حتى يضع سكان المدينة أسلحتهم ويخرجوا لكي نحصيهم فأرسل الخليفة من ينادى في المدينة ليضع الناس أسلحتهم ويخرجوا . فـألـقـى النـاس أسـلـحـتـهـم زمرا وصاروا يخرجون فكان المغول يقـتـلـونـهـم ].
وفي نفس الكتاب (2) ذكر أن المغول أعطوا سليمان شاه و الداودار أماناً ليخرجا بجندهم فلما خرجوا قسموهم ألوفا ومئات وعشرات وقتلوهم جميعاً وكان هذا قبل خروج الخليفة .
وقال ابن الفوطي واصفاً ما حدث لعامة الناس فقال(3) : [ ووضع السيف في أهل بغداد يوم الاثنين خامس صفر وما زالوا في قتل ونهب وأسر وتعذيب الناس بأنواع العذاب واستخراج الأموال منهم بأليم العقاب مدة أربعين يوماً فقتلوا الرجال و النساء و الصبيان والأطفال , فلم يبق من أهل البلد ومن التجأ إليهم من أهل السواد إلا القليل .... وأحرق معظم البلد وجامع الخليفة وما يجاوره واستولى الخراب على البلد وكانت القتلى في الدروب و الأسواق كالتلول ووقعت الأمطار عليهم ووطئتهم الخيول , فاستحالت صورهم وصاروا عبرة لمن يرى ثم نودي بالأمان فخرج من تخـلف وتغيرت ألوانهم وذهلت عقولهم لما شاهدوا من الأهوال التي لا يعبر عنها بلسان . وهم كالموتى إذا خرجوا من القبور يوم النشور من الخوف والجوع والبرد … قيل أن عدة القتلى ببغداد زادت على ثمان مئة ألف نفس عدا من ألقي من الأطفال في الوحول ومن هلك في القنى و الآبار وسراديب الموتى جوعاً و خوفاً , ووقع الوباء فيمن تخلف بعد القتل من شم روائح القتلى وشرب الماء الممتزج بالجيف , وكان الناس يكثرون من شم البصل لقوة الـجيفة وكـثرة الذبــاب فــإنه ملأ الـفضاء وكان يسقط على المطعومات فيفسدها ] .
وقال السبكي (4): "و قيل إن هولاكو أمر بعد ذلك بعدّ القتلى فكانوا ألف ألف وثمانمائة ألف النصف من ذلك تسعمائة ألف غير من لم يعد و من غرق ثم نودي بعد ذلك بالأمان فخرج من كان مختبئ وقد مات الكثير منهم تحت الأرض بأنواع من البلايا والذين خرجوا ذاقوا أنواع الهوان والذل ثم حفرت الدور وأخذت الدفائن والأموال التي لا تعد ولا تحصى وكانوا يدخلون الدار فيجدون الخبيئة فيها وصاحب الدار يحلف أن له السنين العديدة فيها ما علم أن بها خبيئة، ثم طلبت النصارى أن يقع الجهر بشرب الخمر و أكل لحم الخنزير و أن يفعل معهم السلمون ذلك في شهر رمضان، فألزم المسلمون بالفطر في رمضان و أكل الخنزير و شرب الخمر،..........
و أعطى دار الخليفة لشخص من النصارى و أريقت الخمور في المساجد و الجوامع و منع المسلمون من الإعلان بالأذان فلا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم، هذه بغداد لم تكن دار كفر قط و جرى عليها هذا الذي لم يقع قط من منذ قامت الدنيا مثله " .
وقال ابن كثير (5) : "ومالوا على البلد فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان .
ودخل كثير من الناس في الآبار وأماكن الحشوش وقني الوسخ وكمنوا كذلك أياما لا يظهرون ، وكان الجماعة من الناس يجتمعون إلى الخانات ، ويغلقون عليهم الأبواب فتفتحها التتار إما بالكسر وإما بالنار ثم يدخلون عليهم فيهربون منهم إلى أعالي الأمكنة فيقتلونهم في الأسطحة حتى تجري الميازيب من الدماء في الأزقة فإنا لله وإنا إليه راجعون وكذلك في المساجد والجوامع والربط ولم ينج منهم أحد سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى ومن التجأ إليهم وإلى دار الوزير ابن العلقمي الرافضي وطائفة من التجار أخذوا لهم أمانا بذلوا عليه أموالا جزيلة حتى سلموا وسلمت أموالهم وعادت بغداد بعدما كانت آنس المدن كلها كأنها خراب ليس فيها إلا القليل من الناس وهم في خوف وجوع وذلة وقلة ...........
وقد اختلف الناس في كمية من قتل ببغداد من المسلمين فقيل : ثمانمائة ألف وقيل : ألف ألف وثمانمائة ألف وقيل : بلغت القتلى ألفي ألف نفس فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وكان دخولهم إلى بغداد في أواخر المحرم ، وما زال السيف يقتل أهلها أربعين صباحا............... وتعطلت المساجد والجماعات والجمعات مدة شهور ببغداد......... ولما انقضى أمد الأمر المقدر وانقضت الأربعون يوما بقيت بغداد خاوية على عروشها ليس بها أحد إلا الشاذ من الناس والقتلى في الطرقات كأنها التلول وقد سقط عليهم المطر فتغيرت صورهم وأنتنت من جيفهم البلد وتغير الهواء فحصل بسببه الوباء الشديد حتى تعدى وسرى في الهواء إلى بلاد الشام فمات خلق كثير من تغير الجو وفساد الريح فاجتمع على الناس الغلاء والوباء والفناء والطعن والطاعون فإنا لله وإنا إليه راجعون .
ولما نودى ببغداد بالأمان خرج من تحت الأرض من كان بالمطامير والقني والمغاير كأنهم الموتى إذا نبشوا من قبورهم وقد أنكر بعضهم بعضا ، فلا يعرف الوالد ولده ، ولا الأخ أخاه وأخذهم الوباء الشديد فتفانوا ولحقوا بمن سبقهم من القتلى واجتمعوا في البلى تحت الثرى بأمر الذي يعلم السر وأخفى الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى " .
7 – إتلاف الكتب :
ومن فجائع هذا الغزو الدمار في الجانب الثقافي والحضاري وهو المتعلق بإتلاف الكتب. في أعظم مكتبات العالم. في بغداد فكم خسرت الإنسانية من علوم ومعارف حتى أن علي الطباطبائي قال(7) : [ وأما ما حل بخزائن العلم من المكاتب والمدارس في بغداد فحدث و لا حرج . فقد كانت بغداد مركز من أعظم مراكز الإشعاع الفكري في العالم … وقد حرق التتار كل ما وجدوا في بغداد من علم ومن مراكز للعلم كما قتلوا كل من عثروا عليه من العلماء أو كل من كان في بغداد من العلماء …يقول قطب الدين الحنفي : تراكمت الكتب التي ألقاها التتار في نهر دجلة حتى صارت معبراً يعبر عليه الناس والدواب واسودت مياه دجلة بما ألقي فيها من الكتب ] .
* وختاما لهذه الصور الفظيعة أقول الأمر كما( قال أبو شامة المقدسي رحمه الله : [ وجاء كتاب من بعض من سلم منهم ببغداد يقول : والأمر أعظم مما بلغكم من الأخبار اللهم عافنا وبلادنا من كل سوء ] .
(1) جامع التواريخ ص291 .
(2) انظر: جامع التواريخ ص 289.
(3) الحوادث الجامعة ص359
(4) جامع التواريخ ص291 .
(5) انظر: جامع التواريخ ص 289.
(6) الحوادث الجامعة ص359
(7) رياض المسائل : 2/7
( الذيل على الروضتين ص 199.
6- ما جرى لعامة أهل بغداد :
لم يسلم العامة من قتل هؤلاء بطرق بشعة وأحداث دامية ؛ فعندما وصل الخليفة إلى هولاكو قال له (1) :[ مر حتى يضع سكان المدينة أسلحتهم ويخرجوا لكي نحصيهم فأرسل الخليفة من ينادى في المدينة ليضع الناس أسلحتهم ويخرجوا . فـألـقـى النـاس أسـلـحـتـهـم زمرا وصاروا يخرجون فكان المغول يقـتـلـونـهـم ].
وفي نفس الكتاب (2) ذكر أن المغول أعطوا سليمان شاه و الداودار أماناً ليخرجا بجندهم فلما خرجوا قسموهم ألوفا ومئات وعشرات وقتلوهم جميعاً وكان هذا قبل خروج الخليفة .
وقال ابن الفوطي واصفاً ما حدث لعامة الناس فقال(3) : [ ووضع السيف في أهل بغداد يوم الاثنين خامس صفر وما زالوا في قتل ونهب وأسر وتعذيب الناس بأنواع العذاب واستخراج الأموال منهم بأليم العقاب مدة أربعين يوماً فقتلوا الرجال و النساء و الصبيان والأطفال , فلم يبق من أهل البلد ومن التجأ إليهم من أهل السواد إلا القليل .... وأحرق معظم البلد وجامع الخليفة وما يجاوره واستولى الخراب على البلد وكانت القتلى في الدروب و الأسواق كالتلول ووقعت الأمطار عليهم ووطئتهم الخيول , فاستحالت صورهم وصاروا عبرة لمن يرى ثم نودي بالأمان فخرج من تخـلف وتغيرت ألوانهم وذهلت عقولهم لما شاهدوا من الأهوال التي لا يعبر عنها بلسان . وهم كالموتى إذا خرجوا من القبور يوم النشور من الخوف والجوع والبرد … قيل أن عدة القتلى ببغداد زادت على ثمان مئة ألف نفس عدا من ألقي من الأطفال في الوحول ومن هلك في القنى و الآبار وسراديب الموتى جوعاً و خوفاً , ووقع الوباء فيمن تخلف بعد القتل من شم روائح القتلى وشرب الماء الممتزج بالجيف , وكان الناس يكثرون من شم البصل لقوة الـجيفة وكـثرة الذبــاب فــإنه ملأ الـفضاء وكان يسقط على المطعومات فيفسدها ] .
وقال السبكي (4): "و قيل إن هولاكو أمر بعد ذلك بعدّ القتلى فكانوا ألف ألف وثمانمائة ألف النصف من ذلك تسعمائة ألف غير من لم يعد و من غرق ثم نودي بعد ذلك بالأمان فخرج من كان مختبئ وقد مات الكثير منهم تحت الأرض بأنواع من البلايا والذين خرجوا ذاقوا أنواع الهوان والذل ثم حفرت الدور وأخذت الدفائن والأموال التي لا تعد ولا تحصى وكانوا يدخلون الدار فيجدون الخبيئة فيها وصاحب الدار يحلف أن له السنين العديدة فيها ما علم أن بها خبيئة، ثم طلبت النصارى أن يقع الجهر بشرب الخمر و أكل لحم الخنزير و أن يفعل معهم السلمون ذلك في شهر رمضان، فألزم المسلمون بالفطر في رمضان و أكل الخنزير و شرب الخمر،..........
و أعطى دار الخليفة لشخص من النصارى و أريقت الخمور في المساجد و الجوامع و منع المسلمون من الإعلان بالأذان فلا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم، هذه بغداد لم تكن دار كفر قط و جرى عليها هذا الذي لم يقع قط من منذ قامت الدنيا مثله " .
وقال ابن كثير (5) : "ومالوا على البلد فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان .
ودخل كثير من الناس في الآبار وأماكن الحشوش وقني الوسخ وكمنوا كذلك أياما لا يظهرون ، وكان الجماعة من الناس يجتمعون إلى الخانات ، ويغلقون عليهم الأبواب فتفتحها التتار إما بالكسر وإما بالنار ثم يدخلون عليهم فيهربون منهم إلى أعالي الأمكنة فيقتلونهم في الأسطحة حتى تجري الميازيب من الدماء في الأزقة فإنا لله وإنا إليه راجعون وكذلك في المساجد والجوامع والربط ولم ينج منهم أحد سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى ومن التجأ إليهم وإلى دار الوزير ابن العلقمي الرافضي وطائفة من التجار أخذوا لهم أمانا بذلوا عليه أموالا جزيلة حتى سلموا وسلمت أموالهم وعادت بغداد بعدما كانت آنس المدن كلها كأنها خراب ليس فيها إلا القليل من الناس وهم في خوف وجوع وذلة وقلة ...........
وقد اختلف الناس في كمية من قتل ببغداد من المسلمين فقيل : ثمانمائة ألف وقيل : ألف ألف وثمانمائة ألف وقيل : بلغت القتلى ألفي ألف نفس فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وكان دخولهم إلى بغداد في أواخر المحرم ، وما زال السيف يقتل أهلها أربعين صباحا............... وتعطلت المساجد والجماعات والجمعات مدة شهور ببغداد......... ولما انقضى أمد الأمر المقدر وانقضت الأربعون يوما بقيت بغداد خاوية على عروشها ليس بها أحد إلا الشاذ من الناس والقتلى في الطرقات كأنها التلول وقد سقط عليهم المطر فتغيرت صورهم وأنتنت من جيفهم البلد وتغير الهواء فحصل بسببه الوباء الشديد حتى تعدى وسرى في الهواء إلى بلاد الشام فمات خلق كثير من تغير الجو وفساد الريح فاجتمع على الناس الغلاء والوباء والفناء والطعن والطاعون فإنا لله وإنا إليه راجعون .
ولما نودى ببغداد بالأمان خرج من تحت الأرض من كان بالمطامير والقني والمغاير كأنهم الموتى إذا نبشوا من قبورهم وقد أنكر بعضهم بعضا ، فلا يعرف الوالد ولده ، ولا الأخ أخاه وأخذهم الوباء الشديد فتفانوا ولحقوا بمن سبقهم من القتلى واجتمعوا في البلى تحت الثرى بأمر الذي يعلم السر وأخفى الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى " .
7 – إتلاف الكتب :
ومن فجائع هذا الغزو الدمار في الجانب الثقافي والحضاري وهو المتعلق بإتلاف الكتب. في أعظم مكتبات العالم. في بغداد فكم خسرت الإنسانية من علوم ومعارف حتى أن علي الطباطبائي قال(7) : [ وأما ما حل بخزائن العلم من المكاتب والمدارس في بغداد فحدث و لا حرج . فقد كانت بغداد مركز من أعظم مراكز الإشعاع الفكري في العالم … وقد حرق التتار كل ما وجدوا في بغداد من علم ومن مراكز للعلم كما قتلوا كل من عثروا عليه من العلماء أو كل من كان في بغداد من العلماء …يقول قطب الدين الحنفي : تراكمت الكتب التي ألقاها التتار في نهر دجلة حتى صارت معبراً يعبر عليه الناس والدواب واسودت مياه دجلة بما ألقي فيها من الكتب ] .
* وختاما لهذه الصور الفظيعة أقول الأمر كما( قال أبو شامة المقدسي رحمه الله : [ وجاء كتاب من بعض من سلم منهم ببغداد يقول : والأمر أعظم مما بلغكم من الأخبار اللهم عافنا وبلادنا من كل سوء ] .
(1) جامع التواريخ ص291 .
(2) انظر: جامع التواريخ ص 289.
(3) الحوادث الجامعة ص359
(4) جامع التواريخ ص291 .
(5) انظر: جامع التواريخ ص 289.
(6) الحوادث الجامعة ص359
(7) رياض المسائل : 2/7
( الذيل على الروضتين ص 199.