التعليق علي اعتراضات الدكتور محمد عمارة علي الدستور
================================
يستدل الكثيرون باعتراضات الدكتور محمد عمارة حفظه الله علي دستور 2013 كونه ممن شارك في كتابة دستور 2012 حيث ذكر جملة من الاعتراضات علي الدستور وهذا هو تعليقي علي ما ذكره بنفس ترتيب إعتراضاته :
1- قوله ( إضفاء الشرعية الدستورية على انقلاب 30 يونيو )
فماذا لو لم نشارك ، هل كان سيتغير الواقع الذي لا يعني تعاملنا معه رضانا به، فالتعامل مع الواقع لا يعني دائما الرضا بالواقع ، وسيرة النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه الكرام مليئة بالدلالة علي ذلك وما قصة الحديبية وما بها من دروس وعبر منا ببعيد.
ثم وهل شاركنا أصلاً من أجل إضفاء شرعية علي الانقلاب ، أم من اجل تقليل المفاسد وتخفيف الضرر والقواعد الفقهية تقول ( إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً ) ، ( الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف ) ، ( يختار أهون الشرين ) .
2- قوله ( حذفوا النص على أن مصر جزء من الأمة الإسلامية مع الأمة العربية )
غير صحيح ، إنما تم تغيير الصياغة فقط وكتب في الدستور الجديد المادة رقم 1 ( الشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل على تكاملها ووحدتها، ومصر جزء من العالم الإسلامي ) ، فأين حذف الانتماء للأمة العربية والإسلامية .
3- قوله ( حذفوا النص على الشورى مع الديمقراطية )
هذا الكلام يحتاج إلى ضبط فقد حاولنا الابقاء عليها بعد ان كنا نحن من حارب لإضافتها فى 2012 ، لكن ينبغى العلم أنه تم الإثبات في المضابط علي أن المادة الثانية مهيمنة علي الجميع ، بالإضافة للمادة 227 التي أضيفت ولم تكن موجودة بالدستور الماضي التي تقول ( يشكل الدستور بديباجته وجميع نصوصه نسيجاً مترابطاً، وكلاً لا يتجزأ، وتتكامل أحكامه في وحدة عضوية متماسكة ) ، أي أن الشريعة ستصير ضابطا لذلك كله وهذا ما تم إثباته فعلاً في المضابط كما سبق وأشرت .
4- قوله ( حذفوا أخذ رأي هيئة كبار العلماء في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية )
كلام غير صحيح يحتاج لتفصيل ، إنما تم تغيير الصياغة إلي صياغة جديدة لها إفادة اقوي من الصياغة القديمة والصيغة الجديدة ذكر فيها كما في المدة 7 من الدستور الجديد النص علي أن الأزهر ( هو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية ) في حين كان الصيغة القديمة في المادة 4 من الدستور السابق ( ويؤخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية ) ولا شك أن النص علي أن الأزهر المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية اقوي بكثير من مجرد اخذ لرأي هيئة كبار العلماء الغير ملزم كما ادعي ذلك ممثلي الإخوان في مجلس الشورى وقت الصراع علي مشروع الصكوك .
5- قوله ( حذفوا التفسير الذي وضعه الأزهر لمبادئ الشريعة الإسلامية )
وهنا لابد من تعقيب ، فالحكم علي الشئ فرع عن تصوره وابدأ بسؤال : هل المهم رقم المادة ونصها أم أن المهم المضمون المراد من وضعها ؟ ، إذا كان الجواب بأن المهم هو المضمون المراد من وضعها ، ففي هذه الحالة نقول أننا بفضل الله وحده وفقنا في وضع بديل لنص المادة 219 وهو ( مجموع أحكام المحكمة الدستورية ) بل ربما يتعجب البعض إذا قلت له أن مجموع هذه الأحكام اقوي وأفضل من نص المادة 219 نفسها ، ولكن هذا التعجب ربما يزول إذا علمت أن مجموع هذه الأحكام يتلخص معناه في الأتي ( ملخص مجموع تفسيرات المحكمة الدستورية لمبادئ الشريعة )
أولاً : مايو 1985 : خلاصة هذه المادة ( يفهم من هذه المادة أن المبادئ = الأحكام ، عدم جواز إصدار أحكام تخالف الشريعة ، ضرورة إعادة النظر في القوانين القائمة وتعديلها بما يجعلها مُتفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية )
ثانياً : الحكم في القضية رقم 6 لسنة 9 قضائية دستورية بتاريخ 18 مارس 1995 . وكذا الحكم في القضية رقم 116 لسنة 18 قضائية دستورية بتاريخ 2 أغسطس 1997 :
خلاصتها: ( إقرار المحكمة بأن مخالفة الإجماع من أسباب الحكم بعدم دستورية القوانين )
ثالثاً : الحكم في الدعوى رقم ٨ لسنة ١٧ قضائية والصادر بتاریخ ١٨ مایو ١٩٩٦ :
خلاصة هذه المادة ( عدم جواز الاجتهاد فيما هو قطعي الثبوت والدلالة وجواز الاجتهاد في الأحكام الظنیة غير المقطوع بثبوتھا أو بدلالتھا على أن یكون الاجتهاد دوماً واقعاً في إطار الأصول الكلیة للشریعة بما لا یجاوزھا؛ ملتزماً ضوابطھا الثابتة، متحریاً مناھج الاستدلال على الأحكام العملیة، والقواعد الضابطة لفروعھا، كافلاً صون المقاصد العامة للشریعة بما تقوم علیه من حفاظ على الدین والنفس والعقل والعِرض والمال )
ولاحظ أنني ذكرت ملخصها فالمقام لا يتسع لذكرها تفصيلاً، وان شئت فارجع الي أرقام الأحكام وتواريخها للتأكد .
فقل لي بالله عليك ماذا تريد أكثر من هذا ، وهل هذه الأحكام اقوي وأفضل أم نص المادة 219 ؟ !
ثم ينبغي العلم أن أول خياراتنا حينما شاركنا في لجنة الخمسين كان محاولة الإبقاء علي النص القديم الذي وضعناه في الدستور السابق أي نص المادة 219 ، فلما تم رفض ذلك وضعنا تفسيرا أخر وضع فيه اعتبار الإجماع وكان هذا التفسير جيدا أيضا وتم الاتفاق عليه ، إلي أن قام سعد الدين الهلالي اسأل الله أن يعامله بما يستحق بإفهام ممثل الكنيسة أن الإجماع يعني عودة النصارى لدفع الجزية مرة أخري وهنا احتدم الصراع مرة أخري ، ثم وصلنا إلي مجموع هذه التفسيرات والأحكام التي تجد فيها تفسيرا اقوي كما قلت من المادة 219 .
وقد يسأل سائل لما لم تكن هذه الأحكام كافية لتفسير المبادئ في دستور 2012 وأصررتم وقتها علي وجود مادة مفسرة ؟
والجواب :
أن المشتهر وقتها وقبلها عن تفسير المحكمة الدستورية كان هو الحكم المتعلق بكونها الأحكام قطعية الثبوت والدلالة وهو ما كان يعني تفريغ الشريعة من مضمونها ولم نكن نعلم وقتها بوجود أحكام وتفسيرات أخري للمحكمة الدستورية لمبادئ الشريعة ، وربما كان اشتهار هذا التفسير دون غيره متعمداً حتى لا نطالب بغيره ، ولا عيب أن نقول أننا كنا نجهل باقي الأحكام فكل علم لابد أن يسبقه جهل ، إلا علم الله تبارك وتعالي فعلمه لا يسبقه جهل ، فما المانع إذا كانت مجموع الأحكام تعني ما ذكرته أن نأخذ بها .
6- قوله ( ضيَّقوا نطاق تلك المبادئ، وحصروها فيما انتهت إليه المحكمة الدستورية العليا )
كلام غير صحيح ، وربما قصد به د. محمد عمارة مجرد التفسير المتعلق بالأحكام قطعية الثبوت والدلالة فقط والذي سبق رفضنا نحن له منفرداً ، فلما أضيفت له باقي التفسيرات صار من القوة والأفضلية التي تجعله يقدم حتى علي نص المادة 219 كما سبق وأشرت في العنصر السابق ، فأين التضييق إذاً .
7- قوله ( حذفوا كذلك المادة التي كانت تحظر الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء كافة )
كلام قد يكون صحيحا ولكن لابدمن العلم بما حدث بالكواليس ، فلقد تم إثبات مادة حذر سب الأنبياء والرسل في المضابط وكذلك حذر سب الصحابة ، وكانت حجة القوم هى هى حجتهم مع الاخوان فى 2012 لما رفضوا إضافة حذر سب الصحابة ووافقهم فى ذلك الأخوان بذات الحجة بأن هذا أمر متفق عليه ويدرج فى المضابط ..... لاحظ أن الأخوان فى 2012 رفضوا إضافة حذر سب الصحابة لحاجة كانت فى نفس يعقوب من السماح للشيعة بالدخول لمصر !!!!!!!!
8- قوله ( حذفوا المادة التي كانت تنص على تعريب العلوم والمعارف والتعليم )
كلام قد يكون صحيحاً ولكنه يحتاج تفصيلاً وهو أن تفسير التعريب وتوضيحه كان سيتم تفعيله من خلال القانون وطالما أن القانون هو الذي سيفعل ذلك فقد تم صياغة مادة جديدة تحمل نفس المعني وهي المادة 48 وتم النص فيها علي ( وتشجع الدولة حركة الترجمة من العربية وإليها ) فمن خلال القانون أيضا تستطيع فعل ما كنت تريده من وجود المادة السابقة .
9- قوله ( حذفوا المادة التي كانت تدعو إلى إنشاء المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد )
غير صحيح ، فالمادة موجودة بصياغة أخري ورقمها في دستور 2013 رقم (218) ونصها هو ( تلتزم الدولة بمكافحة الفساد، ويحدد القانون الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية المختصة بذلك، وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها في مكافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضماناً لحسن أداء الوظيفة العامة والحفاظ علي المال العام، ووضع ومتابعة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية، وذلك علي النحو الذي ينظمه القانون ) ، في حين كان رقمها في الدستور السابق 2012 مادة 204 وكان نصها ( تختص المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد بالعمل على محاربة الفساد، ومعالجة تضارب المصالح، ونشر قيم النزاهة والشفافية وتحديد معاييرها، ووضع الإستراتيجية الوطنية الخاصة بذلك كله، وضمان تنفيذها بالتنسيق مع الهيئات المستقلة الأخرى، والإشراف على الأجهزة المعنية التي يحددها القانون)
فأين الحذف الذي ذكره الدكتور محمد عمارة !!!!!!! .
10- قوله ( نصوا على تجريم إقامة الأحزاب على أساس ديني ، بعد أن كان دستور 2012 يمنع إقامة الأحزاب التي تفرِّق بين المواطنين على أساس ديني )
صحيح فعلاً تم إضافة نص ( لا يجوز مباشرة نشاط سياسي أو إقامة أحزاب علي أساس ديني ) ولكن ينبغي العلم أن مادة حظر إقامة الأحزاب علي أساس ديني كانت موجودة في التعديلات الدستورية التي تم الاستفتاء عليها في مارس 2011 ، ورغم ذلك تأسست في وجودها كل الأحزاب الإسلامية بما فيها حزب الحرية والعدالة وحزب النور و البناء والتنمية و غيرهما - مع ضرورة التفريق بين لفظ المرجعية الدينية ( الغير موجود ) ولفظ أساس دينى ( الموجود )
11- قوله ( الدستور الجديد يكرِّس لسيطرة المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالنص على أنه هو الذي يختار وزير الدفاع )
كلام يحتاج توضيح ، نص المادة 234 يقول ( يكون تعيين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، وتسرى أحكام هذه المادة لدورتين رئاسيتين كاملتين اعتبارا من تاريخ العمل بالدستور ) ، والفقرة الأخيرة في المادة 146 تقول ( لرئيس الجمهورية، بالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء، اختيار وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل ) وبالجمع بين المادتين يفهم أن اختيار وزير الدفاع ليس من يقوم به هو المجلس العسكري إنما المنوط به اختيار وزير الدفاع هو رئيس الجمهورية بمشاورة رئيس الوزراء ويشترط موافقة المجلس العسكري وتم تقييد هذا الشرط بدورتين رئاسيتين فقط ، ولا شك أن هذا يختلف كثيرا عن كون المجلس العسكري هو الذي يختار .
ثم دعنا نذكر واقعاً :
هل يستطيع رئيس الجمهورية تعيين أو عزل وزيراً للدفاع إلا بعد موافقة المجلس العسكري !؟ ،
فإذا كان الجواب نعم يستطيع ! ، فلما لم يستطع الدكتور محمد مرسي عزل عبدالفتاح السيسي من منصبه ، وإذا كان الجواب أنه لا يستطيع ، إذاً تصير هذه المادة واقعياً موجودة حتى ما لم يتم كتابتها في الدستور .
12- قوله ( توسّعوا على نحو مفرط في محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري )
كلا م غير صحيح ، فنص المادة موجود في الدستور السابق الذي شارك فيه الدكتور محمد عمارة وتم تغيير الصياغة فقط ، فنص المادة في الدستور السابق ورقمها 198 ( ولا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تضر بالقوات المسلحة ) ، ونصها في الدستور الجديد مادة 204 ( ولا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تمثل إعتداءً مباشراً على المنشأت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما في حكمها أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك ) بل إن تقييد المحاكمة في الدستور الجديد بالاعتداء المباشر اخف من الموجودة بالدستور القديم وهي قولهم ( إلا في الجرائم التي تضر بالقوات المسلحة ) التي اطلقت ولم تقيد .
..........................................
أبوحمزة فهمي نصير
================================
يستدل الكثيرون باعتراضات الدكتور محمد عمارة حفظه الله علي دستور 2013 كونه ممن شارك في كتابة دستور 2012 حيث ذكر جملة من الاعتراضات علي الدستور وهذا هو تعليقي علي ما ذكره بنفس ترتيب إعتراضاته :
1- قوله ( إضفاء الشرعية الدستورية على انقلاب 30 يونيو )
فماذا لو لم نشارك ، هل كان سيتغير الواقع الذي لا يعني تعاملنا معه رضانا به، فالتعامل مع الواقع لا يعني دائما الرضا بالواقع ، وسيرة النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه الكرام مليئة بالدلالة علي ذلك وما قصة الحديبية وما بها من دروس وعبر منا ببعيد.
ثم وهل شاركنا أصلاً من أجل إضفاء شرعية علي الانقلاب ، أم من اجل تقليل المفاسد وتخفيف الضرر والقواعد الفقهية تقول ( إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً ) ، ( الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف ) ، ( يختار أهون الشرين ) .
2- قوله ( حذفوا النص على أن مصر جزء من الأمة الإسلامية مع الأمة العربية )
غير صحيح ، إنما تم تغيير الصياغة فقط وكتب في الدستور الجديد المادة رقم 1 ( الشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل على تكاملها ووحدتها، ومصر جزء من العالم الإسلامي ) ، فأين حذف الانتماء للأمة العربية والإسلامية .
3- قوله ( حذفوا النص على الشورى مع الديمقراطية )
هذا الكلام يحتاج إلى ضبط فقد حاولنا الابقاء عليها بعد ان كنا نحن من حارب لإضافتها فى 2012 ، لكن ينبغى العلم أنه تم الإثبات في المضابط علي أن المادة الثانية مهيمنة علي الجميع ، بالإضافة للمادة 227 التي أضيفت ولم تكن موجودة بالدستور الماضي التي تقول ( يشكل الدستور بديباجته وجميع نصوصه نسيجاً مترابطاً، وكلاً لا يتجزأ، وتتكامل أحكامه في وحدة عضوية متماسكة ) ، أي أن الشريعة ستصير ضابطا لذلك كله وهذا ما تم إثباته فعلاً في المضابط كما سبق وأشرت .
4- قوله ( حذفوا أخذ رأي هيئة كبار العلماء في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية )
كلام غير صحيح يحتاج لتفصيل ، إنما تم تغيير الصياغة إلي صياغة جديدة لها إفادة اقوي من الصياغة القديمة والصيغة الجديدة ذكر فيها كما في المدة 7 من الدستور الجديد النص علي أن الأزهر ( هو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية ) في حين كان الصيغة القديمة في المادة 4 من الدستور السابق ( ويؤخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية ) ولا شك أن النص علي أن الأزهر المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية اقوي بكثير من مجرد اخذ لرأي هيئة كبار العلماء الغير ملزم كما ادعي ذلك ممثلي الإخوان في مجلس الشورى وقت الصراع علي مشروع الصكوك .
5- قوله ( حذفوا التفسير الذي وضعه الأزهر لمبادئ الشريعة الإسلامية )
وهنا لابد من تعقيب ، فالحكم علي الشئ فرع عن تصوره وابدأ بسؤال : هل المهم رقم المادة ونصها أم أن المهم المضمون المراد من وضعها ؟ ، إذا كان الجواب بأن المهم هو المضمون المراد من وضعها ، ففي هذه الحالة نقول أننا بفضل الله وحده وفقنا في وضع بديل لنص المادة 219 وهو ( مجموع أحكام المحكمة الدستورية ) بل ربما يتعجب البعض إذا قلت له أن مجموع هذه الأحكام اقوي وأفضل من نص المادة 219 نفسها ، ولكن هذا التعجب ربما يزول إذا علمت أن مجموع هذه الأحكام يتلخص معناه في الأتي ( ملخص مجموع تفسيرات المحكمة الدستورية لمبادئ الشريعة )
أولاً : مايو 1985 : خلاصة هذه المادة ( يفهم من هذه المادة أن المبادئ = الأحكام ، عدم جواز إصدار أحكام تخالف الشريعة ، ضرورة إعادة النظر في القوانين القائمة وتعديلها بما يجعلها مُتفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية )
ثانياً : الحكم في القضية رقم 6 لسنة 9 قضائية دستورية بتاريخ 18 مارس 1995 . وكذا الحكم في القضية رقم 116 لسنة 18 قضائية دستورية بتاريخ 2 أغسطس 1997 :
خلاصتها: ( إقرار المحكمة بأن مخالفة الإجماع من أسباب الحكم بعدم دستورية القوانين )
ثالثاً : الحكم في الدعوى رقم ٨ لسنة ١٧ قضائية والصادر بتاریخ ١٨ مایو ١٩٩٦ :
خلاصة هذه المادة ( عدم جواز الاجتهاد فيما هو قطعي الثبوت والدلالة وجواز الاجتهاد في الأحكام الظنیة غير المقطوع بثبوتھا أو بدلالتھا على أن یكون الاجتهاد دوماً واقعاً في إطار الأصول الكلیة للشریعة بما لا یجاوزھا؛ ملتزماً ضوابطھا الثابتة، متحریاً مناھج الاستدلال على الأحكام العملیة، والقواعد الضابطة لفروعھا، كافلاً صون المقاصد العامة للشریعة بما تقوم علیه من حفاظ على الدین والنفس والعقل والعِرض والمال )
ولاحظ أنني ذكرت ملخصها فالمقام لا يتسع لذكرها تفصيلاً، وان شئت فارجع الي أرقام الأحكام وتواريخها للتأكد .
فقل لي بالله عليك ماذا تريد أكثر من هذا ، وهل هذه الأحكام اقوي وأفضل أم نص المادة 219 ؟ !
ثم ينبغي العلم أن أول خياراتنا حينما شاركنا في لجنة الخمسين كان محاولة الإبقاء علي النص القديم الذي وضعناه في الدستور السابق أي نص المادة 219 ، فلما تم رفض ذلك وضعنا تفسيرا أخر وضع فيه اعتبار الإجماع وكان هذا التفسير جيدا أيضا وتم الاتفاق عليه ، إلي أن قام سعد الدين الهلالي اسأل الله أن يعامله بما يستحق بإفهام ممثل الكنيسة أن الإجماع يعني عودة النصارى لدفع الجزية مرة أخري وهنا احتدم الصراع مرة أخري ، ثم وصلنا إلي مجموع هذه التفسيرات والأحكام التي تجد فيها تفسيرا اقوي كما قلت من المادة 219 .
وقد يسأل سائل لما لم تكن هذه الأحكام كافية لتفسير المبادئ في دستور 2012 وأصررتم وقتها علي وجود مادة مفسرة ؟
والجواب :
أن المشتهر وقتها وقبلها عن تفسير المحكمة الدستورية كان هو الحكم المتعلق بكونها الأحكام قطعية الثبوت والدلالة وهو ما كان يعني تفريغ الشريعة من مضمونها ولم نكن نعلم وقتها بوجود أحكام وتفسيرات أخري للمحكمة الدستورية لمبادئ الشريعة ، وربما كان اشتهار هذا التفسير دون غيره متعمداً حتى لا نطالب بغيره ، ولا عيب أن نقول أننا كنا نجهل باقي الأحكام فكل علم لابد أن يسبقه جهل ، إلا علم الله تبارك وتعالي فعلمه لا يسبقه جهل ، فما المانع إذا كانت مجموع الأحكام تعني ما ذكرته أن نأخذ بها .
6- قوله ( ضيَّقوا نطاق تلك المبادئ، وحصروها فيما انتهت إليه المحكمة الدستورية العليا )
كلام غير صحيح ، وربما قصد به د. محمد عمارة مجرد التفسير المتعلق بالأحكام قطعية الثبوت والدلالة فقط والذي سبق رفضنا نحن له منفرداً ، فلما أضيفت له باقي التفسيرات صار من القوة والأفضلية التي تجعله يقدم حتى علي نص المادة 219 كما سبق وأشرت في العنصر السابق ، فأين التضييق إذاً .
7- قوله ( حذفوا كذلك المادة التي كانت تحظر الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء كافة )
كلام قد يكون صحيحا ولكن لابدمن العلم بما حدث بالكواليس ، فلقد تم إثبات مادة حذر سب الأنبياء والرسل في المضابط وكذلك حذر سب الصحابة ، وكانت حجة القوم هى هى حجتهم مع الاخوان فى 2012 لما رفضوا إضافة حذر سب الصحابة ووافقهم فى ذلك الأخوان بذات الحجة بأن هذا أمر متفق عليه ويدرج فى المضابط ..... لاحظ أن الأخوان فى 2012 رفضوا إضافة حذر سب الصحابة لحاجة كانت فى نفس يعقوب من السماح للشيعة بالدخول لمصر !!!!!!!!
8- قوله ( حذفوا المادة التي كانت تنص على تعريب العلوم والمعارف والتعليم )
كلام قد يكون صحيحاً ولكنه يحتاج تفصيلاً وهو أن تفسير التعريب وتوضيحه كان سيتم تفعيله من خلال القانون وطالما أن القانون هو الذي سيفعل ذلك فقد تم صياغة مادة جديدة تحمل نفس المعني وهي المادة 48 وتم النص فيها علي ( وتشجع الدولة حركة الترجمة من العربية وإليها ) فمن خلال القانون أيضا تستطيع فعل ما كنت تريده من وجود المادة السابقة .
9- قوله ( حذفوا المادة التي كانت تدعو إلى إنشاء المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد )
غير صحيح ، فالمادة موجودة بصياغة أخري ورقمها في دستور 2013 رقم (218) ونصها هو ( تلتزم الدولة بمكافحة الفساد، ويحدد القانون الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية المختصة بذلك، وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها في مكافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضماناً لحسن أداء الوظيفة العامة والحفاظ علي المال العام، ووضع ومتابعة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية، وذلك علي النحو الذي ينظمه القانون ) ، في حين كان رقمها في الدستور السابق 2012 مادة 204 وكان نصها ( تختص المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد بالعمل على محاربة الفساد، ومعالجة تضارب المصالح، ونشر قيم النزاهة والشفافية وتحديد معاييرها، ووضع الإستراتيجية الوطنية الخاصة بذلك كله، وضمان تنفيذها بالتنسيق مع الهيئات المستقلة الأخرى، والإشراف على الأجهزة المعنية التي يحددها القانون)
فأين الحذف الذي ذكره الدكتور محمد عمارة !!!!!!! .
10- قوله ( نصوا على تجريم إقامة الأحزاب على أساس ديني ، بعد أن كان دستور 2012 يمنع إقامة الأحزاب التي تفرِّق بين المواطنين على أساس ديني )
صحيح فعلاً تم إضافة نص ( لا يجوز مباشرة نشاط سياسي أو إقامة أحزاب علي أساس ديني ) ولكن ينبغي العلم أن مادة حظر إقامة الأحزاب علي أساس ديني كانت موجودة في التعديلات الدستورية التي تم الاستفتاء عليها في مارس 2011 ، ورغم ذلك تأسست في وجودها كل الأحزاب الإسلامية بما فيها حزب الحرية والعدالة وحزب النور و البناء والتنمية و غيرهما - مع ضرورة التفريق بين لفظ المرجعية الدينية ( الغير موجود ) ولفظ أساس دينى ( الموجود )
11- قوله ( الدستور الجديد يكرِّس لسيطرة المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالنص على أنه هو الذي يختار وزير الدفاع )
كلام يحتاج توضيح ، نص المادة 234 يقول ( يكون تعيين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، وتسرى أحكام هذه المادة لدورتين رئاسيتين كاملتين اعتبارا من تاريخ العمل بالدستور ) ، والفقرة الأخيرة في المادة 146 تقول ( لرئيس الجمهورية، بالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء، اختيار وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل ) وبالجمع بين المادتين يفهم أن اختيار وزير الدفاع ليس من يقوم به هو المجلس العسكري إنما المنوط به اختيار وزير الدفاع هو رئيس الجمهورية بمشاورة رئيس الوزراء ويشترط موافقة المجلس العسكري وتم تقييد هذا الشرط بدورتين رئاسيتين فقط ، ولا شك أن هذا يختلف كثيرا عن كون المجلس العسكري هو الذي يختار .
ثم دعنا نذكر واقعاً :
هل يستطيع رئيس الجمهورية تعيين أو عزل وزيراً للدفاع إلا بعد موافقة المجلس العسكري !؟ ،
فإذا كان الجواب نعم يستطيع ! ، فلما لم يستطع الدكتور محمد مرسي عزل عبدالفتاح السيسي من منصبه ، وإذا كان الجواب أنه لا يستطيع ، إذاً تصير هذه المادة واقعياً موجودة حتى ما لم يتم كتابتها في الدستور .
12- قوله ( توسّعوا على نحو مفرط في محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري )
كلا م غير صحيح ، فنص المادة موجود في الدستور السابق الذي شارك فيه الدكتور محمد عمارة وتم تغيير الصياغة فقط ، فنص المادة في الدستور السابق ورقمها 198 ( ولا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تضر بالقوات المسلحة ) ، ونصها في الدستور الجديد مادة 204 ( ولا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تمثل إعتداءً مباشراً على المنشأت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما في حكمها أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك ) بل إن تقييد المحاكمة في الدستور الجديد بالاعتداء المباشر اخف من الموجودة بالدستور القديم وهي قولهم ( إلا في الجرائم التي تضر بالقوات المسلحة ) التي اطلقت ولم تقيد .
..........................................
أبوحمزة فهمي نصير